(((((((((((( بسم الله نبدأ ))))))))))))))))
أكرهك لأنك معلم رياضيات! رؤى تربوية - العدد السادس والثلاثون
معتز حمودة ... يحكي لنا تجربته في مدارس الوكالة ... تابع
هذه مقتطفات .... أحببت أن أنشرها لأني وجدت فيها الفائدة ...تابعونا ....^_^
................. وبعد مرور أكثر من عامين على عملي مدرساً نظامياً، قامت إدارة
الوكالة بتطبيق اختبار موحد للصف الرابع لمادة الرياضيات على
مدارس الضفة الغربية، وكان هذا الاختبار يتمتع بمصداقية عالية في
طريقة إعداده وتطبيقه، وعند ظهور النتائج كانت نسبة نجاح الصف
الرابع 26 %، وقد صدمت بهذه النتيجة على الرغم من أنني بذلت
جهداً ليس بسيطاً.................. الخ
وأذكر أنني تعرضت لموقف في أحد الصفوف، يظهر فكرة كره
الطلاب لمادة الرياضيات، فبعد دخولي الحصة الأولى للصف الرابع،
وكانت هذه حصتي الأولى لهذا الصف، بدأت الحصة بالتعريف عن
نفسي، وأنني معلم الرياضيات، ومجرد أن أنهيت كلامي، فإذا
بإحدى الطالبات تقف وتقول «أنا أكرهك » فاستغربت! وما كان مني
إلا أن سألتها عن سبب هذا الموقف، على الرغم من أنها لم ترني
من قبل، ولم يمضِ على تعارفنا سوى دقائق، فأجابتني وبكل جرأة:
«لأنك معلم رياضيات .»
ربما كان في رأي هذه الطالبة من الصواب ما جعلني أتأمل قليلاً في
معناه، وبخاصة أن هذا القول يصدر من الطالب وهو محور العملية
كانت هذه المادة سهلة، ويقال أيضاً إن الطالب الذي لا يحب المعلم،
فإنه غالباً ما يخفق في مادته.
ولذلك جعلت أحد أهدافي الرئيسة من تدريس المرحلة الابتدائية، هو
ترغيب الطلاب في دراسة هذه المادة، وذلك من خلال بيان جمالها
وقوتها وأهميتها ودورها في تكوين عادات التفكير السليم وحب
الاستطلاع والإبداع والابتعاد عن إشعارهم بالفشل، أو وضعهم
في مواقف يفقدون فيها ثقتهم بأنفسهم عند التعامل مع الرياضيات،
ومن الأمور التي ساعدتني أكثر على بناء جسور الثقة هو أنني حاولت
إيجاد طريقة جديدة في التعامل مع الطلاب مخالفة لما كنت أتبعه
سابقاً، فقد كنت أعمل على تنمية صداقة بيني وبين الطلاب، ولكني
اكتشفت أن الطالب كان في بعض الأحيان يتمادى، وعندها كنت
أخسر القدرة على وضع الحدود بيني وبينه.
ولإيجاد أسلوب جديد، حاولت مراقبة زملائي المعلمين فوجدتهم
ينقسمون إلى قسمين؛ فالأول يرتبط بعلاقة صداقة قوية مع الطلاب،
ويكون التعامل اللفظي بينهما كما يعاملون أصدقاءهم من العمر
نفسه، وأما الصنف الثاني فكان يؤمن بوجود حدود بين الطرفين،
بحيث أن المعلم يبقى معلماً والطالب طالباً، ولا يجوز تحول العلاقة
إلى صداقة، وبالفعل تبنيت الأسلوب الثاني، لأنني شعرت أن المعلم
قادر على اكتساب حب الطلبة دون إيجاد علاقات شخصية معهم،
وأنا أعتقد أن الطالب لم يعد كما كان، فقد أصبح ذا شخصية قوية
وأكثر إدراكاً بما يدور حوله من أحداث.
أما الاتجاه الآخر الذي عملت عليه فكان المنهاج، حيث اكتشفت بعد
تحليلي للمنهاج أن جزءاً كبيراً من التمرينات يختص بمهارات التفكير
العليا وحل المشكلات، ولذلك رأيت أنه من الضروري مساندة
المنهاج المدرسي بخطة تساعد على مراعاة الفروق الفردية، فقمت ببناء
خطة علاجية في المهارات الأساسية لمادة الرياضيات للصف الرابع
الأساسي، مستفيداً من خبرتي في التعليم العلاجي وإعداد الوسائل
التعليمية، حيث بدأت بتطبيق هذه الخطة مع إجراء التعديلات عليها
والتغذية الراجعة بشكل مستمر، وكان السبب الرئيس الذي دفعني
لبناء هذه الخطة، هو نسبة النجاح التي حصلت عليها المدرسة للصف
الرابع للعام 2008 وكانت 26 %، وعندما أقدمت إدارة الوكالة على
تطبيق الاختبار الموحد للعام 2010 ، اعتبرت أن هذه الاختبارات
سوف تكون المحك الرئيس للخطة التي عملت عليها، وعندما أعلنت
النتائج للعام 2010 كانت نسبة النجاح 41 %، ونوعاً ما كانت
النتائج مرضية بمقارنتها بنتائج الاختبار للعام 2008 ، وبعد إجراء
تعديلات جديدة على الخطة وتطبيقها، اشتركت المدرسة في اختبار
الرياضيات للعام 2011 وكانت نسبة النجاح 56 %، ومن وجهة
نظري فإنها نتائج مرضية بالمقارنة مع نتائج العامين السابقين، وبخاصة
أن هذه الاختبارات تتمتع بمصداقية عالية، فهذه الاختبارات تشابه في
إعدادها وأسلوب تطبيقها اختبارات ) Timss ( العالمية.
ومن أهم المشكلات التي واجهتني في تطبيق هذه الخطة، إدارة الوقت
المخصص للتعليم العلاجي وتنظيمه، والصفوف المزدحمة، وكثافة
المنهاج المقرر، والاحتياجات المادية غير المتوفرة ...، لذا كان
العمل العلاجي مسؤولية كبيرة تشاركني فيه الإدارة المدرسية وأولياء
الأمور. وانطلاقا من أن المعلم صاحب الرسالة الملتزم بأخلاقيات
مهنة التعليم هو الذي يستثمر الوقت بشكل فعال، حاولت تنفيذ
الخطة في أثناء الحصة الدراسية العادية، من خلال إعداد الأنشطة
والتدريبات الخاصة بالطلبة ذوي الحاجة للمعالجة، أو من خلال
تنظيم وقت التدريب قبل الدوام المدرسي، أو من خلال الاستفادة من
دوام يوم السبت الإضافي.
وهكذا، تبين لي من خلال التجربة العملية الصادقة، أن المعلم الناجح
في تدريس الرياضيات لا بد أن يلم بالأمور الآتية:
» » الطالب الذي سيتلقى هذه المادة.
الطريقة التي ستعرض بها هذه المادة.
» » المعرفة الجيدة بهذه المادة.
وهذا مخالف لما كنت اعتقده سابقاً أن معرفتي بالكتاب المدرسي كافية
جداً لكي أكون معلماً ناجحاً.
وأخيراً، أحمدا لله أنني استطعت أن أتخطى شعور اليأس والإحباط
الذي راودني في بداية ممارستي لمهنة التعليم، لأني لم أتوقع يوم
دخلت إلى مهنة التعليم أن أستمر فيها إلى هذه اللحظة، بسبب
إدراكي ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقي.
مدرسة بنات قطنة الأساسية